الانـــساق الفكرية في المجتمع
الفكر النسقي ظاهرة قديمة بقدم تاريخ البشرية ويتجدد في كل حين ويتبدل حسب تكوينات المجتمع وثقافته, احيانا يكون نتاج لفكرة فلسفية "افلاطونيه" تشترط بعض الصفات "المثالية" في تكوينة مدينته الفاضلة-مع العلم بأن الفلاسفة والمفكرين في تلك العصور كانوا في عزلة عن المجتمع!- ,او قد يكون نسق قومي شعوبي كـاليهوديه واعتقادهم السائد بأنهم شعب الله المختاروماترتب على هذه الفكرة من مجازر,واحيانا يصدر من احزاب قومية كالنازية وجعل كتاب هتلر "كفاحي" دستور بنى على اساسه الدعاية النازية والتي تهدف الى تطهير العرق "الآري" عن طريق أدلجة فكر الشعب الالماني,اوقد يكون عن طريق سن القوانين المدنية كـ قانون"صون العلمانية" في فرنسا 1905- بغض النظر عما صدر مؤخرا من نظرات خلافية تضرب بالقانون عرض الحائط.
يقول جوزيا رويس: " إن فكرتي هي نتاج مخاض طويل من التفكير والاعتقاد الشخصي الذي استمد المعرفة من النسق الفكري للبشرية " , فالنسق الفكري اذن يتكون في بادئ الامر من فكرة يؤمن بها الفرد ومن ثم تتحول هذه الفكره الى قناعه تصدر لها دعايات تروج لها,وقد يحالفها الحظ وتلقى صيتا فتصبح مع مرور الزمن مذهبا تعتنقه الاجيال ونسيان كونها بذرة من قناعة شخصية ولكن من يسلكه اخر المطاف شريحة من المجتمع والغالب من الامر ان هذا الفكر النسقي سيعمد على اقصاء الاخر فهو يحمل بين طياته ازدواجية ظاهرها خير واما باطنها شيء اخر. ولنا أن نلقي نظرة على بعض الانساق الفكرية في مجتمعنا ولكن لابد من تسليط الضوء على البذرة الاولى وهي غالبا ما ترتكز على محورين:"العروبة والاسلام",الفكر القومي ;والذي يقوم على تصنيف الافراد حسب انتماءاتهم وهو مايعبر عنه العرب بـ"وش ترجع له؟"بمعنى الى أي قبيلة تنتمي, فيرى كل من لاينتمي الى قبيلة بأنه لا اصل له ويسميه البعض"خضيري",اما الحضر فيصنفون الافراد حسب العائلة التي ينتمون اليها ,وتعد العائلة ذات شأن بالمجتمع كلما زادت مواردها الماليه,اوالعلمية,اوتقلد احد افرادها لمنصب سياسي او ديني بارز ,لا نعيب هنا حب القوم او الانتماء القبلي ولكن مااعيبه هو كل ماينتج عن هذا التصنيف من ظلم : (ليس من العصبية ان يحب الرجل قومه ولكن من العصبيه ان يعين قومه على الظلم). النسق الديني وقد بات ظاهره ملموسة في مجتمعنا حيث نرى في اغلب المذاهب اعتقادهم بأنهم هم من يمتلكون الحقيقة كاملة وحدهم وان الحق بين ايديهم وبأن الله والجنة خلقت لهم,وان الباقين يعيشون في ضلال مبين,فلولا ايمانهم لاأهلك الله الارض ومن عليها!,فيعمدون على اقصاء الاخر وقد تصل بالبعض احيانا الى التكفير,ونذكر منها اتجاه احدهم الى عملية التصنيف الديني المناطقي وذلك عند ادعائه بأن اهل نجد هم الفرقه الناجيه!. وبما ان حديثنا لازال في اطار النسق الديني نستشهد بظاهره اخرى وهي احاطة رجال الدين بهالة قدسية وهذا نراه في جميع الاديان السماوية والمذاهب الاسلامية واما مصير من يتعرض لهذه القدسيه فمصيرهم متفاوت ولكنه في الغالب لايسر! واتخاذ رواية ان "العالم اذا اخطأ فله اجر واذا اصاب فله اجران" ذريعة وحجه اقصائية لكل محاولة تصحيحية مع العلم بأن الله سبحانه وتعالى امر الرسول عليه الصلاة والسلام مخاطبا : (قل انما انا بشرٌ مثلكم انما يوحى الي ) وهو يتمثل ايضا بما سلكه الصحابه بعد الرسول الاكرم حيث كان الحكم على الشي يأتي بعد النظر الى كتاب الله فان لم يجد بحث في سنة الرسول وان اعياه سأل الناس "أنتم اعلم بأمور دنياكم",,,ولنا بسيرة عمر ابن الخطاب رضي الله عنه خير مثال وذلك ماحدث في قصة "تحديد المهر" وبعدها قوله رضوان الله عليه اصابت امرأه وأخطأ عمر" حكم عمر بما هو اصلح للأمة ولم يرفض الرأي الاخر. http://www.alsaudeh.com/articles.php?action=show&id=588 |
تعليقات
إرسال تعليق